رحلة الحج والأبحار غلى الاعماق... للأب يوسف جزراوي

رحلة الحج والأبحار إلى الاعماق

من اصدقائي القلال هو في الحياة ، كان يروي لي خلجات ذاته من خلال قراءته لمسودات كتاباته الادبية . فشدتني عبارة جميلة وعميقة لم تألف الاذان على سماعها من الاخرين : " أبحرتُ لذاتي ثلاث ليالٍ".
وعندما خرجت رحتُ اسير لوحدي في شوارع اوربا وسط ظلام دامس وبرد قارص متاملاً بتلك العبارة واخذت اتمتم مع نفسي : لماذا انساننا انطلق نحو القمر وكواكب اخرى ليكتشفها .... ؟؟بينما تجده لا سيبر اغوار اعماقه!! وعندما عدت لصومعتي الصغيرة فكرت ان أُسجل خاطرة عن الموضوع على انغام موسيقى الموسيقار الايطالي (جيوفاني) ؛ فأخذ قلمي يدون ويجسد ما في الاعماق بكلمات . وما الكلمات؟ جمع كلمة. وما الكلمة ؟ سوى الإنسان يقول ذاته حبًا وقناعتةً للآخرين ، لا بل هي صدى اعماق. فكانت هذه الخاطرة _ الخلجة _ التأمّل..........
إ[color=#00008B]ن تكون صديقًا للآخرين معناه ان تكون صديقًا لنفسك اولاً. بمعنى أن تُصادق الآخرين . وهذه الصداقة تكمن في مواجهة الذات. فصدق فيلسوفنا الاغريقي سقراط بحكمته الذهبية ( اكشف ذاتك). وعن هذا الصدد يقول جبران خليل جبران :" لي مع نفسي صديق يعزيني ، ومن لم يكن صديقًا لنفسه كان عدوًا للناس ". وفي نفس السياق كتب لنا الفيلسوف ماركس:" إذا كان الإنسان مغتربًا عن ذاته ستجده غريبًا في العالم وعن الحياة..... فالحياة تنبثق من داخل الإنسان". وانا بدوري اقول : لا اقسى واصعب من غربة الذات . وما اكثر الغرباء اليوم !

رحلة الابحار إلى الذات عبارة عن وقفة تأمّلية بناءة ينتابها الصمت والهدوء الداخلي .... وعن خبرة اذيع علنًا: من لا يعرف ان يقف ويتأمّل من وقت لآخر ، لا ينمو ولا يتقدم . فرحلة الحج للاعماق ، رحلة بناءة فيها الكثير من العمق والتأمّل والشفافية . رحلة تجعلك تعيش مع ذاتك لتدخل في حوار معه لتتامل وتراجع حياتك وتتفحص ضميرك..... انها اشبه بخبرة صلاة . خبرة بدونها لم ولن تتم فينا عملية النمو والتكامل وعلى عدة اصعدة!
ليس التامل عزلة وانطواء وانغلاق وانكماش ، بل على العكس انه انفتاح على الذات ، انفتاح نتعلم منه كيفة الانفتاح على الاخر وعلى الرب الهنا.
ليس التامل والهدوء انقطاع عن الكلام والحركة .... بل صمت داخلي ؛ فالصمت نور ، وبنور تستنير الكلمات.

كان يقولها لي بوضوح: " لا اعرف ان اكون لوحدي. اكره الهدوء ، وحينما اجد نفسي وحيدًا في البيت او الغرفة او.... احاول ان اهرب من تلك العزلة ، وأملى الصمت بالاستماع إلى المُسجل او مشاهدة التلفاز او الاتصال هاتفيًا .او اخرج لزيارة صديق .....".
الستم معي ان قلت : انه حال معظمنا .... هروب من مجالسة الذات؟!
عندما نعجز عن الجلوس مع ذواتنا سوف نجد أنفسنا أننا في " علاقات نفعية سطحية " مع الآخرين ؛ علاقات لا طائل منها سوى الثرثرة و ملي الفراغ في حياته!! فالشخص الذي لا يعرف ان يتامل ذاته ويجالسه تراه يشعر دائما بوجود حاجة ملحة وقوي لوجود الاخرين في داخله.
لم نتنشا في مجتمعتنا على محبة الهدوء والصمت والاستماع إلى الموسيقى ، بل تعلمنا على الصخب. ومن جالس ذاته وتأمل نقول عنه ( كئيب _ معقد _ مر يض .... ) !!!

وقبل اسدال الستار على رحلة الحج نحو الاعماق اذهب لاقول:
آملي أن يكون لجميعنا دقائق بل ساعات بل ايامًا نبحر بها الى الذات ونحج اعماقنا لنكتشف انفسنا والكنوز المطورة فيها ولنتعرف على شخصنا اكثر واكثر .... فنحن بقدر ما نصمت ونكون في هدوء واختلاء تاملي؛ بقدر ذلك سننمو وسنكون اكثر انسانيين وروحانيين.
اؤمن ان الإنسان خُلق ليكون عظيمًا فيثمر وينتج ، وعظمته تتجلى من خلال معرفته لذاته والقبول بها وألتزامها ليحققها ، فيشرق ذاتيُا.
رحلة الاعماق رحلة مجانية الثمن ؛ فيها خبرات لذيذة وبناءة . جربوها وستقولون : شكرًا.
وعن خبرة شخصية اهمس لك: ابحر لذاتك وستدرك أن ذاتك اعز صديق .... وانك في حضور الله.[/color]

من كتاب ( تأمّلات من حياة كاهن) للأب يوسف جزراوي

منقول من موقع عينكاوا كوم
منتدى الكتابات الروحية
كاتب الليل

رحلة الحج والأبحار غلى الاعماق... للأب يوسف جزراوي 495320

شكرا موضوع بغايه الروعه عاشت ايدك يا اخ كاتب الليل رحلة الحج والأبحار غلى الاعماق... للأب يوسف جزراوي 382587

تحياتي

موضوع اكثر من رائع تسلممممممممم الك مني كل الاحترام والتقدير شكرا

» الإنسان الحق موقف ووضوح.... الأب يوسف جزراوي
» المجتمع الشرقي .. وبكاء الرجل.... للأب يوسف جزراوي
» ذاتها ... أعز صديقة .الأب يوسف جزراوي

إرسال الصورة

رحلة الحج والأبحار غلى الاعماق... للأب يوسف جزراوي