"تعرفون الحق والحق يحرركم"(يوحنا 8: 32)
إن كنا نريد ان نفهم ماهية المسيحية، لربما نسأل أنفسنا هذا السؤال: هل المسيحية تحرر الإنسان - الناس أم لا؟ إن كان الجواب كلا، فيمكن أعتبار المسيحية ديانة الخرافات. وإن كان الجواب بنعم، فتعتبر المسيحية حقاً ديانة الحياة كما يقول المسيح بذاته: "جئت لتكون لهم الحياة وأوفر"، وفي مكان آخر يقول: "أنا هو الطريق والحق والحياة".
لكن السؤال الأخر الذي يمكن طرحه هنا، وكيف نعرف بأن المسيحية تعمل على تحرير الإنسان؟ الجواب هو من الكتاب المقدس نفسه، الذي يدعونا لأتباع كلمات ربنا يسوع حينما يقول: "أعرفوا والحق يحرركم" (يوحنا 8: 32). فإذن المسيحية دين مؤسس على الحقيقة التي يريدها الرب ان تكون معروفة لدينا ومختبرة في حياتنا. الحقيقة في حياتي وفي حياتك إيها المؤمن المسيحي، هي عندما تكون أعمالنا وأفعالنا مطابقة لما نقوله ولما نبشر به ونعلم الاخرين. يسوع هو "الحق" لأن اعماله تطابق ما يقوله وما يعلمه للناس. إنه الحقيقة القصوى قبل ان يُعلّم الناس ان تكون الحقيقة في ذاتهم. أحد اللاهوتيين يقول: المسيحية هي ديانة الشخص "يسوع" وليست ديانة الشرائع والقوانين".
يسوع يوبخ الفريسيين والكتبة الجالسين على كرسي موسى لأنه لا يُعلّمون الحق. لأن في كيانهم يوجد إنقسام بين القول والعمل. مهمتهم هي تعليم الشريعة للناس وتفسيرها لهم، ولهذا يقول لهم يسوع "الجالسون على كرسي موسى" لأنهم قادة روحيين وعلى الاخرين الإقتداء بهم وبتصرفاتهم. لكنهم لم يكونوا أمينين على تعليمهم، لأن واقعهم اليومي كان يختلف عما ما كانوا يقرأونه في الكتب ويُعلّمونه للناس. لذا، قول يسوع للناس يأتي في حينه: "اسمعوا أقوالهم ولا تعملوا أعمالهم" لأن أعمالهم هي أعمالهم الشخصية وليست أعمال الله الموجودة في الكتاب. لم يكونوا متحررين، لأنهم كانوا منقسمين ذاتياً. ولم يَدعوا الناس يتحررون، لا بل كانوا يحملونهم أعباءاً كثيرة بتطبيق شرائعهم الميتة والتي لا تحمل اي معنى مقارنة بوصايا الله.
ان ما يعمله يسوع هو تحرير الناس وتخفيف عنهم الاعباء. يسوع ينبذ تفاسير الفريسيين والكتبة التي لا معنى فيها. يجعل من وصايا الله ان تكون جداً خفيفة. أحبب الرب إلهك "من خلال تقديسه وتوقيره" واحبب قريبك "من خلال إحترامه". هذا ما يريده يسوع ان يكون في حياتنا اليومية والذي يعمل بها.
******************************************