تلسقف – لؤي عزبو ( عنكاوا كوم ).
هذه
قصة حقيقية لانسان ضاقت به الحياة في بلده فقرر الهجرة . وفي المهجر وبعد
ان اعتصره الم الغربة واصطدامه بحياة اخرى غريبة عن تقاليده وواقعه .
انتفض وقرر العودة الى الوطن ليجد نفسه مرة اخرى بين احضان احبائه .
" عنكاوة كوم" التقت صاحب هذه القصة حكمت زورا، فكان معه هذا اللقاء:
• عرفنا على بطاقتك الشخصية وكيف كانت البداية؟
أنا
حكمت زورا من قرية تللسقف، سكنت البصرة سابقا، وكان لي عمل جيد فيها كان
يمكنني من العيش الجيد، وأحيانا اتمكن من توفير بعض المال للظروف الصعبة،
واستمرت المعيشة هكذا حتى جاء الوقت الذي لم اتمكن فيه من الاستمرار في
العيش في البصرة بسبب الوضع الامني السيء، حيث اصبح الانسان معرضّا للقتل
في أية لحظة، فقررت عام 2006 النزوح الى بلدتي تللسقف من اجل العيش بامان
وايجاد فرصة للعمل .
• كيف حاولت التكيف على العيش في تللسقف بعد ان فقدت عملك وبعت بيتك في البصرة؟
بعد
ان بعت بيتي في البصرة بسعر زهيد، أجّرت بيتا لعدة اشهر وبمبلغ عالي، ثم
بنيت بيتا صغيرا في تللسقف، وفتحت محلا للموبايلات، ولكن لم استمر بسبب
ايجار المحل العالي، وضعف سوق العمل فتركت المحل بعد انتهاء عقد الايجار،
وذهبت الى مكان اخر في القرية، وفتحت محلا للمواد الغذائية وقمت بتأثيثه
وعملت فيه لفترة، الى ان حصل انفجار قوي جدا في العام 2007 على بعد 17
مترا من محلي صباحا، لكن الحمد لله لم اكن موجودا في المحل الذي تدمّر
بالكامل .
• هل كانت هذه الظروف سببا في قرارك بالهجرة الى الخارج؟
نعم أصبت بالاحباط النفسي خاصة وان احدا لم يُعوضّنا ولو بدينار واحد. كان
قراري بالهجرة الى أي مكان في العالم بعد ان لاقيت الويلات في بلدي، فذهبت
الى تركيا وسجلت في الامم المتحدة كمهاجر، وهناك عشت معاناة اخرى حيث أن
مستوى المعيشة غالي، وفرص العمل تكاد تكون صعبة جدا للمهاجرين، فكنت اصرف
مما كنت وفرتّه ايام عملي في البصرة،.فامضيت تسعة اشهر في تركيا عانيت
خلالها الكثير بسبب عدم اتقاني اللغة وعدم وجود مدارس لاولادي. لكن
استبشرنا خيرا عند قبولنا كلاجئين الى الولايات المتحدة الامريكية حيث
سافرنا الى هناك.
• كيف رأيت الوضع بعد الوصول الى امريكا؟
سافرنا
بالطائرة الى مدينة اطلانتا في ولاية جورجيا الأمريكية، ومنذ وصولي هناك
لم ارى أية مساعدة من المنظمة المسؤولة واسمهاirc (منظمة الانقاذ الدولية
)، سوى انهم اخذونا الى شقة من شقق اللاجئين فيها ناس من مختلف البلدان،
وهناك اصطدمنا بالوضع الجديد خاصة اننا لانعرف احدا حيث لم يكن في تلك
المنطقة من العراقيين سوى عائلة واحدة من زاخو.
وقد تم تاثيث بسيط
للشقة من حقوق اللاجئين التي نستحقها عند الوصول الى امريكا واستمر الحال
لعشرين يوما ونحن مسجونين في هذه الشقة، فقط كنا نخرج لشراء الاكل والرجوع
وكان الناس يستغربون لاننا نمشي بدون سيارة ويعرفون اننا غرباء، حتى بدأ
اطفالي البكاء من هذا الوضع.
• الم تحاول البحث عن فرصة للعمل ؟
حاولت العمل عن طريق المنظمة حيث نظمت لي استمارة للعمل لكن دون جدوى بسبب التدهور الاقتصادي في امريكا والعالم .
• هل فكرت بالرجوع الى العراق؟
انا
فعلا قررت العودة لكن المنظمة لم تقبل بذلك، فقالوا لي سوف تدفع أجرة
الطائرة ونحن لاعلاقة لنا بكم ولسنا على أستعداد لتقديم المعونة للعودة
الى العراق.
• لماذا لم تحاول الذهاب الى الولايات أو المدن التي يتواجد فيها العراقيين مثل كاليفورنيا ؟
انا
فعلا قررت الذهاب الى ولاية اخرى وهي اريزونا حيث يتواجد فيها ابن خالتي
(وهو شقيق زوجتي) بحثا عن حياة افضل، فاستقبلونا ومكثنا عندهم عشرة ايام
ثم اجرت شقة بمبلغ 535 دولارا وبعد تسجيلها خصصت المنظمة لنا مبلغ 325
دولارحسب قانون الولاية اعترضت لكن قالوا تلك امكانيتنا وعليك تدبير نفسك
بنفسك.
• هذا يعني انك كنت تدفع حوالي 200 دولارا من مدخراتك؟
طبعا
هذا عدا قوائم الماء والكهرباء والتلفون ؟ إضافة الى شراء ماء الشرب
والصابون والسايت والكلينس والملابس (لاننا لم نفضل ملابس البالة بسبب
انتشار مختلف الامراض الغريبة هناك). وهذه كلها خارج بطاقة الطعام التي
تعطيها المنظمة وتكون مدتها شهر يتم تجديدها وفيها استحقاق لمبلغ شهري
للاكل لايجوز تجاوزه من قبل اللاجيء.
• وهل حصلت على عمل لتّعوض فرق المصاريف ؟
قدمت
للعمل عن طريق المنظمة وكنت اذهب لمختلف المحلات لملء استمارة طلب الحصول
على عمل وكانوا يعطوني وعودا دون جدوى . حتى انني اشتريت سيارة بمبلغ 1000
دولار لاكون جاهز للذهاب الى العمل حال حصولي عليه، لان الحياة هناك تفرض
وتتطلب وجود السيارة، خاصة وانني كنت ادفع تأمين الشقة والسيارة من جيبي
الخاص.
• ماهي المدة التي بقيت فيها في اريزونا؟
بقيت
خمسة أشهر واصبحت معرضا للرمي في الشارع اذا لم استطع دفع ايجار الشقة،
فكان قرارنا الاخير هو العودة الى العراق، فذهبت الى المنظمة وطلبت العودة
فوافقوا، وقالوا من حقك ان ترجع الى بلدك لانك جئت هنا في وقت ازمة عالمية
للاقتصاد، فقالوا اذهب ولانريد منك سوى شيء واحد هو شراء تذكرة الطائرة
على حسابك.
وفي المطار أثناء العودة الى العراق سألوني كيف دخلت
امريكا وكنت احمل فيزا الدخول (وايت كارت ) فلم يعترضوا وربّت احدهم على
كتفي وقال: "اذهب الله معاك". عندما كنت هناك كنت كل يوم احس بالمرارة
بسبب فقداني لبلدي واصدقائي واقاربي، احسست هناك بغربة قاتلة حيث فقدت
العلاقات الاجتماعية والزيارات، فالناس هناك يجاهدون ويكدون من اجل الحصول
على لقمة العيش .. كنت متلهفا للوصول الى بلدي واهلي واصدقائي.
• تحدثت عن سلبيات كثيرة هناك، ماهي ابرز الايجابيات التي لاحظتها في الغربة ؟
هناك نظام في الحياة وفي المرور والدوائر، وهناك رقابة عالية لتطبيق النظام والقانون.
• بماذا تنصح الانسان الذي ينوي السفر الى الخارج؟
انصحه بان يستفيد من الظروف التي مررت بها . فالهجرة هي خوض المجهول . والغربة صعبة . وانا الان عدت وبدأت الحياة من جديد في الوطن .
ابصراحة من قريت هذه القصة دموعي نزلت
لان فكرت بحالي وبحال كل مواطن عراقي بانه راح نفوت بهذا الموقف
انشاءلله تنال رضاكم