امتحان الانتظار
و يُقال في ذلك اليوم: هوذا هذا إلهنا انتظرناه فخلّصنا، هذا هو الرب انتظرناه، نبتهج و نفرح بخلاصه(إش 25: 9 )
في بيت فوطيفار شهد يوسف شهادة لامعة لله، وانتصر على التجربة، واحتمل الاضطهاد؛ ولكن كان يجب أن يتعلم في سجن فرعون لا مجرد الشهادة لله فقط، بل أيضاً انتظار الله. وهذا، كما نعلم، من أقسى الدروس التي يجب أن يتعلمها المؤمن. فالشهادة للرب في وسط العالم المزدحم شيء، وانتظار الرب في وحدة السجن شيء مختلف تماماً. في الواقع، إنه شيء مستحيل على الطبيعة البشرية؛ وبينما يستحيل الأمر على الطبيعة البشرية، فإنه يمثل تجربة مُرّة لرجل الإيمان.
وهكذا كان انتظار يوسف في السجن امتحاناً لإيمانه. ولكنه هو أيضاً التمس الخلاص من ذراع بشرية، فبعدما فسّر الحلم لرئيس السقاة قال له: "وإنما إذا ذكرتني عندك حينما يصير لك خير، تصنع إليَّ إحساناً وتذكرني لفرعون، وتُخرجني من هذا البيت". كان على يوسف أن يتعلم ليس فقط أن الاتكال على البشر باطل، ولكن أيضاً أن كل ينابيعه هي في الرب وحده. لا شك أن "الله لنا ملجأ وقوة. عوناً في الضيقات وُجد شديداً"، ولكن لكي نحصل على هذا العون يجب أن نكُفّ؛ "كفوا واعلموا أنى أنا الله" (مز 1: 46 ،10). فللرب وقته المعيَّن كما أن له طرقه الخاصة التي بها يحقق مقاصده.
وعلى كل حال، إذا نسي الإنسان أن يصنع بيوسف إحساناً، فإن الرب لا ينسى أن يريه الرحمة. قد يضعف يوسف ويفشل، ونحن كذلك، أما الرب فإن "مراحمه لا تزول، هي جديدة في كل صباح كثيرة أمانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من أجل ذلك أرجوه" (مرا 22: 3 -24). قد يجرّبنا الشيطان يوماً بعد يوم، وقد يمتحنا الرب بالانتظار يوماً بعد يوم، لكن فوق الكل مراحمه هي جديدة يوماً بعد يوم. فإن كان يجب علينا أن ننتظر طويلاً خلاص الرب، لكن بكل يقين "طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه"، ومن جانبنا يجب أن نتعلم أنه "جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب" (مرا 22: 3 ،26). لقد نُسى يوسف من الناس، ولكن الرب لم يكن لينساه، حتى جاء الوقت المعين من الرب، وحينذاك تعلم أن "الذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض" (مرا 22: 3 ).