رسالة رجاء
وإذ لم تكن الشمس ولا النجوم تظهر أياماً كثيرة، واشتد علينا نوءٌ ليس بقليل، انتُزع أخيراً كل رجاءٍ في نجاتنا - أع 27: 20
هذا ما حدث مع بولس ورفقائه المسافرين معه في السفينة، حينما كان أسيراً مُرسلاً ليُحاكم في رومية أمام قيصر. فقد انتُزع كل رجاء في نجاتهم بسبب الريح الزوبعية التي تُعرف باسم أوروكليدون ( أع 27: 14 ). عندئذ سلَّموا تسليم اليأس وفقدوا كل رجاء. نعم فمن أين يأتي الرجاء في مثل هذه الأحوال؟ أليس من الطبيعي أن يكون المصير هو الهلاك المُحتم؟ لكن وبينما الجميع فاقدين لكل رجاء، تأتي كلمة الله كالنور الذي يمحو ظلمة الطبيعة، بل ظلمة جهل الإنسان لتُعلن أن هناك رجاءً للخلاص والإنقاذ، لكنه خلاص بذلك الشخص الذي يعرفه بولس والذي يعبده ويخدمه، فقد وقف ملاك هذا الإله ليعلن لبولس أنه لا تكون خسارة نفس واحدة من المسافرين إلا تحطم السفينة فقط. وقد تبرهن قوة وصدق هذا الوعد المُقدَّم للرسول الأسير إذ الجميع نجوا إلى البر ( أع 27: 23 ،44).
ولا شك أن معظم هؤلاء الأسرى الذين كانوا مع بولس كان لكل منهم إله يعبده، فهل أرسلت هذه الآلهة رُسلاً لعابديها كما أرسل إله بولس رسولاً له؟ أو هل استطاعت هذه الآلهة إنقاذ عابديها كما فعل إله بولس؟ إن الرسول الأسير وهو ينطق بكلمات الرجاء أمام جميع المسافرين من الوثنيين، كأنما يريد أن يقول إن الإله الذي يعبده، والذي وعد بخلاصهم من البحر، يستطيع، إن آمنوا به، أن يمنحهم خلاصاً أبدياً من البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
وكما وصلت بشارة الخلاص الأبدي بالمسيح يسوع للسجان فآمن وفرح وتهلل مع جميع بيته، هكذا نجد أن رسالة الخلاص والرجاء التي وصلت للجميع بواسطة بولس قد ألقت بظلالها المُفرحة على الجميع إذ صاروا مسرورين (ع22). فها هي نتيجة الخبر الطيب، رغم أن الخلاص هنا خلاص زمني من الموت غرقاً، إلاّ أن الروح القدس في يومنا هذا ما زال يقدم ذلك الخبر السار أَلا وهو خلاص النفس التي تؤمن بالمسيح، خلاصاً أبدياً. أوَ ليس غاية وغرض الإيمان هو خلاص النفس ( 1بط 1: 9 )؟
فهل تمتعت أيها القارئ العزيز بالخلاص المقدم لجميع المسافرين في هذا العالم؟ فكلٌ ماضٍ إلى نهايته، فهل عرفت أين ستستقر قدماك؟!