صبري يوسف عضو مميز
المزاج : عدد الرسائل : 142 هذه الخاصيه عباره عن نقاط الامتياز للعضو الذي يشارك بالمسابقه او اعطائه نقاط لامتيازه من الاداره العمر : 76 تاريخ التسجيل : 12/05/2011 اقامه : هولندا كيف تعرفت علينا ؟ : من خلال التصفح في المنتديات بامكانك كتابة رسائل sms هنا او حكمة اليوم او شعر قصير او خاطرة قصيره
| موضوع: داود يبحث عن بيت شاول ! (عظة ) الإثنين يوليو 18, 2011 12:12 am | |
| داود يبحث عن بيت شاول ! ألقيت العظة في أحدى الكنائس في مدينة روتردام
القراءة الكتابية مأخوذة من 2صموئيل، الإصحاح التاسع
1وَقَالَ دَاوُدُ: «هَلْ يُوجَدُ بَعْدُ أَحَدٌ قَدْ بَقِيَ مِنْ بَيْتِ شَاوُلَ، فَأَصْنَعَ مَعَهُ مَعْرُوفًا مِنْ أَجْلِ يُونَاثَانَ؟» 2وَكَانَ لِبَيْتِ شَاوُلَ عَبْدٌ اسْمُهُ صِيبَا، فَاسْتَدْعَوْهُ إِلَى دَاوُدَ، وَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «أَأَنْتَ صِيبَا؟» فَقَالَ: «عَبْدُكَ». 3فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَلاَ يُوجَدُ بَعْدُ أَحَدٌ لِبَيْتِ شَاوُلَ فَأَصْنَعَ مَعَهُ إِحْسَانَ اللهِ؟» فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: «بَعْدُ ابْنٌ لِيُونَاثَانَ أَعْرَجُ الرِّجْلَيْنِ». 4فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «أَيْنَ هُوَ؟» فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: «هُوَذَا هُوَ فِي بَيْتِ مَاكِيرَ بْنِ عَمِّيئِيلَ فِي لُودَبَارَ». 5فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَأَخَذَهُ مِنْ بَيْتِ مَاكِيرَ بْنِ عَمِّيئِيلَ مِنْ لُودَبَارَ. 6فَجَاءَ مَفِيبُوشَثُ بْنُ يُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ إِلَى دَاوُدَ وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَسَجَدَ، فَقَالَ دَاوُدُ: «يَا مَفِيبُوشَثُ». فَقَالَ: «هأَنَذَا عَبْدُكَ». 7فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «لاَ تَخَفْ. فَإِنِّي لأَعْمَلَنَّ مَعَكَ مَعْرُوفًا مِنْ أَجْلِ يُونَاثَانَ أَبِيكَ، وَأَرُدُّ لَكَ كُلَّ حُقُولِ شَاوُلَ أَبِيكَ، وَأَنْتَ تَأْكُلُ خُبْزًا عَلَى مَائِدَتِي دَائِمًا». 8فَسَجَدَ وَقَالَ: «مَنْ هُوَ عَبْدُكَ حَتَّى تَلْتَفِتَ إِلَى كَلْبٍ مَيِّتٍ مِثْلِي؟». 9وَدَعَا الْمَلِكُ صِيبَا غُلاَمَ شَاوُلَ وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ مَا كَانَ لِشَاوُلَ وَلِكُلِّ بَيْتِهِ قَدْ دَفَعْتُهُ لابْنِ سَيِّدِكَ. 10فَتَشْتَغِلُ لَهُ فِي الأَرْضِ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَعَبِيدُكَ، وَتَسْتَغِلُّ لِيَكُونَ لابْنِ سَيِّدِكَ خُبْزٌ لِيَأْكُلَ. وَمَفِيبُوشَثُ ابْنُ سَيِّدِكَ يَأْكُلُ دَائِمًا خُبْزًا عَلَى مَائِدَتِي». وَكَانَ لِصِيبَا خَمْسَةَ عَشَرَ ابْنًا وَعِشْرُونَ عَبْدًا. 11فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: «حَسَبَ كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ سَيِّدِي الْمَلِكُ عَبْدَهُ كَذلِكَ يَصْنَعُ عَبْدُكَ». «فَيَأْكُلُ مَفِيبُوشَثُ عَلَى مَائِدَتِي كَوَاحِدٍ مِنْ بَنِي الْمَلِكِ». 12وَكَانَ لِمَفِيبُوشَثَ ابْنٌ صَغِيرٌ اسْمُهُ مِيخَا. وَكَانَ جَمِيعُ سَاكِنِي بَيْتِ صِيبَا عَبِيدًا لِمَفِيبُوشَثَ. 13فَسَكَنَ مَفِيبُوشَثُ فِي أُورُشَلِيمَ، لأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ دَائِمًا عَلَى مَائِدَةِ الْمَلِكِ. وَكَانَ أَعْرَجَ مِنْ رِجْلَيْهِ كِلْتَيْهِمَا.
المحبة حالها في ذلك حال كل الكلمات المجردة، التي لا نلمس تأثيرها بطريقة مباشرة وفعالة، ما لم نتفاعل معها ونمتزج بأرواحنا فيها، تبقى بلا معنى، وإنْ كان لها معنى حقيقي في قلوب من يمتلئون بها، وينطلقون من خلالها. لكنها تبقى كلمة جافة وجامدة، لا تفيد ولا تنفع، لأولئك الذين يرفضونها. ولكن حين تتجسد هذه الكلمة العظيمة، وتطلق المحبة من عقالها، تقلب العالم بأسره رأسا على عقب، وتأسر القلوب، وتعمل في النفس البشرية، فهي قادرة أنْ تنزع من الآخرين شقائهم وبؤسهم، وحزنهم، وتستأصل كل الأحقاد وتزيل جذور الكراهية عن بكرة أبيها. وتنير سبل الحياة، لمن بقي في الظلام، وتشبه به لسنوات طويلة.
نحن البشر نتكلم ومن دون تردد، عن المحبة كثيرا، ونشهد عنها، لكننا لا نسمح لها أنْ تعمل بحرية في قلوبنا، بهدف التغيير، لكي تستأصل منا، الأنا، وتغير ما لا نستطيع تغييره. لتحرق الأشواك منها، الأشواك التي تجرحنا في أغلب الأحيان، ولا نتجرأ الاقتراب إليها، لكي نستطيع من ثم أنْ نعمل من خلال تلك المحبة، في الآخرين.
وعندما نكون من غير المحبة، وبخاصة عندما يحتدم روح الانتقام في قلب الإنسان ونفسه، ويسيطر عليه بالكلية، فهو يبقى عبدا له، يكون مثل ريشة في مهب الريح، مثل قطة ترى فأرة، لا ترى مندوحة عن اللحاق بها ومطاردتها. فالذي يغرق في بحر أغوار الانتقام، ولا يترك له خيارا آخرا، سوى الانتقام، فهو يدفع به إلى البحث عن عدوه، أينما كان. ولن يكتفي إلا إذا انتقم منه، وصب جام غضبه عليه، وأزاحه من طريقه وإلى الأبد.
لكن حمدا لله، إذ لم يكن الأمر كذلك مع الملك داود، لا من قريب ولا من بعيد، لأنّ ذلك يعني تصفية الحسابات القديمة، البقية الباقية مع بيت شاول. فالملك داود لم يترك الحبل على الغارب، ولم ينتقم، ولم يبد رغبة في الانتقام، وقد لا تكون فكرة الانتقام تجول في فكره. وقد لا تكون لهذه الفكرة الحمقاء مكانا لديه. رغم إنّ تجربة الانتقام قد راودت داود في شبابه. فنحن نذكر غضبه على نابال الكرملي، وتوجهه للثأر منه لأجل مسألة بسيطة، لا تتعدى بضعة خرفان، لكن أبيجائل أنقذته من الانتقام نفسه، وهو لا شك تعلم الدرس.
أتيحت الفرصة للملك داود، لكي ينتقم، ليس مرة واحدة، بل مرتين، لكي ينقض على عدوه اللدود، كما تنقض الكواسر على الفريسة، وينهي المعركة بالضربة القاضية، ويكلل بالنصر العظيم، خاصة، وإنّ داود في كلتا الحالتين، كان قريبا من عدوه، كان على قاب قوسين أو أدنى، وكان وجده في حالة ضعف شديد.
المرة الأولى (وَكَانَ هُنَاكَ كَهْفٌ فَدَخَلَ شَاوُلُ لِكَيْ يُغَطِّيَ رِجْلَيْهِ، وَدَاوُدُ وَرِجَالُهُ كَانُوا جُلُوسًا فِي مَغَابِنِ الْكَهْفِ. 4فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: «هُوَذَا الْيَوْمُ الَّذِي قَالَ لَكَ عَنْهُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَدْفَعُ عَدُوَّكَ لِيَدِكَ فَتَفْعَلُ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ». فَقَامَ دَاوُدُ وَقَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ سِرًّا.) 1صموئيل24: 4،3
والمرة الثانية (وَالآنَ فَخُذِ الرُّمْحَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ وَكُوزَ الْمَاءِ وَهَلُمَّ». 12فَأَخَذَ دَاوُدُ الرُّمْحَ وَكُوزَ الْمَاءِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ شَاوُلَ وَذَهَبَا، وَلَمْ يَرَ وَلاَ عَلِمَ وَلاَ انْتَبَهَ أَحَدٌ لأَنَّهُمْ جَمِيعًا كَانُوا نِيَامًا، لأَنَّ سُبَاتَ الرَّبِّ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) 1صموئيل26: 12،11.
داود أدرك يقينا أنه لم يستلم المُلك من يد إنسان بل تسلمه من الله نفسه، فالله ومن خلال النبي صموئيل هو الذي مسحه ملكا. هو قادر أنْ يقيم قوله فيه في الوقت المعين، ولا تقدر أيّة قوة مهما عظمت، وتكالبت، أنْ تقف ضد مخطط الله وتنقضه ، رغم المحاولات الكثيرة التي بذلها شاول، التي لم تفد ولم تغن، وبالتالي أثبتت أنّها عقيمة وغير مجدية بالمرة.
إنّ داود لم يضع قلبه على المجد الزمني، بل مجد الله لذا لم يخف أنْ يضيع عنه الكرسي ولا المجد. وهو من جانب آخر، اعتبر أن الملك شاول هو مسيح الله، ونظر إلى ذلك الأمر بكل هيبة ومخافة، وفكر أنّه من السخف أنْ يمد يده عليه وينتزع السلطة منه، بل هو وبخ رجاله بالكلام، ولم يدعهم يقومون على شاول.
لذا رفض داود من حيث المبدأ فكرة أنْ يطيح بحكم الملك شاول، لأنّه كان على ثقة تامة بأنّ حكم شاول كان مصدره الله. ولم يكن شأنّ داود في ذلك شأن الثوريين الذين، يدوسون على المبادئ المقدسة، وعلى الجثث ويقومون بالانقلابات على رؤسائهم، كما نرى في أيامنا هذه، الذين يلطخون أياديهم بالدماء، بغية تحقيق مآربهم الفاسدة الدنيئة، ومن ثم يعزون الأمر في ذلك أنّه تكليف لهم من لدن السماء، أو أمر لتخليص الشعب من نير العبودية، من سلطة الحكام المستبدين.
ينبغي أيضا أنْ لا ننسى نقطة هي في غاية الأهمية، وهي أنّ الملك داود كان قد أدخل نفسه طواعية في عهد ودي مقدس مع يوناثان ابن شاول، إذ أنّ كليهما اتفقا وشهدا لذلك العهد (داود، يوناثان قد حلفا باسم الرب أنْ يكون الرب بينهما وبين نسلهما إلى الأبد) 1صموئيل43:20. لذا كان على داود، وحتى وهو في أسوء الأحوالـ لم يفكر أنْ لا ينقض العهد، ولا يغير ما خرج من فمه ولا ما تفوه به. فهو عهد أخلاقي وأدبي، لا يزول وعلى مر الزمن، في السراء والضراء.
يجب أنْ لا ننكر أنّ داود عاش كالطريد ورغم كل الاضطهاد الذي تعرض له داود في طول البلاد وعرضها زمن الملك شاول، فقد ظل إخلاصه لابن الملك يوناثان وثيق العرى، وولاؤه لشاول ثابتا لا يتزعزع. فهو كان رابط الجأش، راسخ كالجبل، لم يتزحزح قيد أنملة عن الالتزام الذي أبقاه على خطه في عهد المحبة المقدس.
من ناحية أخرى إنّ كل أمريء، يحتاج على الأقل إلى شخص آخر واحد يستطيع أنْ يفضي إليه بمكنونات صدره، طارحا القناع جانبا، فهل نكون مبالغين إذا اعتبرنا أنّ يوناثان هو الذي علم داود خلع القناع ؟ إنّ داود حتى آخر رمق حياته، ظل يتميز بالصدق والصراحة. لا نستطيع الجزم إلا جزرا وتخمينا، كم استمد داود من يوناثان، إنسانية وتواضعا واستقامة. ولن نعلم البتة كم وفرت عليه ذكرى صداقتهما من المرارة والانتقام والإجحاف.
تفادى داود من جيش شاول بفراره مع رجاله من مدينة قعيلة المسورة إلى برية زيف، وبينما هو مختبئ في الغاب في تلك البرية، وافاه التشجيع من مصدر غير متوقع. إذ انسل يوناثان من جيش شاول وذهب إلى داود ليؤكد له حماية الله، وقال له: لا تخف لأنّ يد شاول أبي لا تجدك، وأنت تملك على إسرائيل وأنا أكون لك ثانيا 1صموئيل 17:23. من القصر الواحد بعينه انطلق الأب للمطاردة والقتل، والابن للطمأنة والتشجيع.
وأيضا يجب أنْ نقر، بأنّ المحبة التي جمعت قلب يوناثان وداود، لم تكن من طرف واحد، فقد كانت متبادلة بينهما، وخير دليل على ذلك موقف الملك داود نفسه، فهو الشخص الذي رثى بقلب مكلوم وحزين، شاول وابنه يوناثان، في (نشيد القوس)بكلمات أقل ما يقال عنها، أنّها مرثاة صادقة ومعبرة، لا تخلو عن الحزن العميق الحقيقي الذي انتاب قلب داود ومزقه، حين سمع بالحادث الجلل، حين سقط شاول ويوناثان، قتيلين في الحرب على شوامخ جبل جلبوع، القريب من وادي يزرعيل، إذ قال:
" الظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ! لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ. لاَ تُبَشِّرُوا فِي أَسْوَاقِ أَشْقَلُونَ، لِئَلاَّ تَفْرَحَ بَنَاتُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِئَلاَّ تَشْمَتَ بَنَاتُ الْغُلْفِ. يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ، وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ، لأَنَّهُ هُنَاكَ طُرِحَ مِجَنُّ الْجَبَابِرَةِ، مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِالدُّهْنِ. 22مِنْ دَمِ الْقَتْلَى، مِنْ شَحْمِ الْجَبَابِرَةِ لَمْ تَرْجعْ قَوْسُ يُونَاثَانَ إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَيْفُ شَاوُلَ لَمْ يَرْجعْ خَائِبًا. شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ. يَا بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، ابْكِينَ شَاوُلَ الَّذِي أَلْبَسَكُنَّ قِرْمِزًا بِالتَّنَعُّمِ، وَجَعَلَ حُلِيَّ الذَّهَبِ عَلَى مَلاَبِسِكُنَّ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ فِي وَسَطِ الْحَرْبِ! يُونَاثَانُ عَلَى شَوَامِخِكَ مَقْتُولٌ. قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدًّا. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ وَبَادَتْ آلاَتُ الْحَرْبِ!." 2صموئيل1: 19-27.
وما فعله داود كان بدافع من العهد المقدس الذي كان يربطه مع يوناثان، ابن شاول. ونلاحظ جيدا هنا أنّ ما زرعه يوناثان من محبة في قلب داود، صار يجنيه ابنه مفيبوشث الآن، بعد موت أبيه بسنوات. نعم هناك الكثير من الناس يرفضون رفضا قاطعا التعامل مع الماضي، ومع العهود التي ألزموا أنفسهم بها، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق مع الأموات، الذين لم تعد تربطهم معهم سوى الذكريات.
أجل، إنّ من العادة، إذ يستريح الإنسان ويستقر ينسى الماضي بآلامه ويتجاهل مشاعر الغير، كما إنّ من العادات القديمة أن يقتل الملك الجديد كل نسل الملك السابق لئلا يطالبوا بالحكم ويقاوموه. أمّا داود فلم يستلم الحكم من يد إنسان بل من يد الله لذلك فهو لا يخاف إنسان فمن أعطاه الملك سيحفظ كرسيه.
لكننا نجد داود على نقيض ذلك، فقد كان داود النبي نبيلاً للغاية في تعامله مع مفيبوشث. داود يبحث عن أبناء شاول ليصنع معهم معروفاً وهو لم ينس وعده ولا عهد مع يوناثان (1صموئيل20: 14-17) الذي كان كتب بمداد المحبة، منذ حوالي 15 سنة. فبدأ يسأل، وبالفعل سمع عن مفيبوشث بن يوناثان، الأعرج الرجلين، فاستدعاه ليرد له حقول جده شاول ويقيمه ضيفًا دائمًا يأكل معه على مائدته، كأحد أفراد أسرته.
يبدو أن مفيبوشث تصوّر أن داود سيقتله كعادة الملوك، وكان لقاء داود معه، ومحبته ووده، كان أثمن بكثير وأعظم وأثمن من الحقول التي رُدت إليه، إذ أعطاه ما يريح نفسه الداخلية ويشبعها، الأمر الذي لا تقدر كل مقتنيات العالم أن تهبها للإنسان. هذا ما دفع القديس بولس أن يطالبنا بتقديم قلبنا (الحب) للمحتاجين قبل تقديم الأموال أو العطايا المادية. يقول الرسول: "وإن أطعمت كل أموالي وإن سلمت جسدي حتى أحترق وليس لي محبة فلا أنتفع شيئًا" (١ كو ١٣: ٣).
المعنى الروحي للقصة إنّ قصة مفيبوشث، تكاد تكون صورة طبق الأصل، لقصة آدم وحواء، بعد تعديهما لوصية الله، فهما هربا من وجه الله، والحال أيضا مع مفيبوشث الكسيح، المقعد الرجلين، هو يهرب من الملك داود إلى لودبار، وإنْ لم تكن له جريرة في ما قد حصل. والكلمة لودبار، اسم عبري ربما كان معناه (بدون مرعى) وهو موضع في جلعاد (2 صم 9: 4 و 5 و 17: 27). اسم مكان يقع شرقي الأردن بالقرب من محنايم وكان يقع في نصيب سبط بني جاد (يش 13: 26) .
مفيبوشث يعني، الذي ينشر العار (أشبوشت). تشويه احتقاري لاسم مربعل. بعل وهو اسم عبري معناه (( إزالة الأصنام )) وهو اسم: ابن يوناثان وحفيد شاولوعندما كان عمره خمس سنين وقع من يدي مربيته فاصابه عرج لازمه طوال عمره (2 صم 4:4 )ومفيبوشت هذا فتش عنه داود بعد ما صار ملكاً واسكنه في قصره ورد إليه ما كان لابيه (2 صم 9: 6 - 8) غير أنه ظهرت منه بعض علامات الخيانة مدة عصيان أبشالومعاد فأخذ منه أولاً كل ما كان له وأعطاه لصيبا غلامه (2 صم 16: 1 - 4) ثم ذلك اشفق عليه فأعطى النصف لصيبا ورد إليه النصف الآخر (2 صم 19: 24 - 30 و 21 7) ويدعىأيضاً مريبعل (1 أخبار 8: 34داود في سخائه يرمز للسيد المسيح ، الذي يدعونا إليه لنلتقي معه كأحباء؛ ينزع عنا الخوف، ويرد إلينا ما فُقد منا (الطبيعة الصالحة التي خلقنا عليها) كما وهبنا أن نجلس على مائدته السماوية نتناول جسده ودمه المبذولين سر خلاص وتمتع بالحياة الأبدية.
مفيبوشث، يهرب من الملك داود بعد أنْ تسلط على كرسي الحكم، لكن داود بالمقابل يسعى إلى البحث عنه والإتيان به إلى أورشليم، إلى القصر، ليأكل الخبر على المائدة الملوكية كل أيام حياتهن ويدخل أيضا في عهد حماية. هذه هي تماما المبادرة التي قام الله بها من خلال تجسد الرب يسوع، ليأتي بنا إليه، ولتكن لنا حياة، بعد أنْ صالحنا بواسطة الصليب. " الْمُقِيمِ الْمَسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ، الرَّافِعِ الْبَائِسَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ 8لِيُجْلِسَهُ مَعَ أَشْرَافٍ، مَعَ أَشْرَافِ شَعْبِهِ " مزمور 113: 8،7. وأيضا يقول المرنم: " 1تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ" مزمور19:16.
ولقد قدّم داود حباً عملياً إذ أعاد لمفيبوشث كل أملاك أبيه وطلب من صيبا أن يعمل هو في الأرض ويعطى العائد لمفيبوشث. بل طلب أن يأكل مفيبوشث على مائدته دائماً. ولم يحتمل مفيبوشث كل هذا الحب فسجد لداود بل شبه نفسه بكلب ميت. ومحبة داود وكرمه وعطائه يرمزان لمحبة المسيح الذي ينزع الخوف منّا ويرد لنا ما فقدناه من نعم بسبب خطايانا ووهبنا أن نجلس معهُ على مائدته السماوية نتناول من جسده ودمه ورد لنا أرضنا أي الفردوس الذي كان قد ضاع منّا بسبب خطايانا. وإذا أعطانا المسيح كل هذا أن نقول مع مفيبوشث يا رب ما أنا إلاّ كلب ميت لا أستحق كل هذا الحب "إن فعلتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطالون" العدد11 فقال صيبا للملك حسب كل ما يأمر سيدي الملك.
| |
|
بزونة المنتدى عضو محترف
المزاج : عدد الرسائل : 4858 الموقع : ميووو بكل بيت العمل/الترفيه : تنظيفات ورا ابني 30 العمر : 47 تاريخ التسجيل : 11/01/2010 اقامه : MI كيف تعرفت علينا ؟ : حليثاااااا دالقوش مااجمل ان تحب وتعشق شخص
وهو يودك لك نفس الشعور .....
| موضوع: رد: داود يبحث عن بيت شاول ! (عظة ) الإثنين يوليو 18, 2011 11:29 am | |
| | |
|