حوار مع يسوع
داخل الكنيسة المهدمة، حيث تتناثر الكراسي الخشبية المكسورة هنا وهناك، ورائحة الحرائق المنبعثة، وحيث الخراب قد حل في كل شيء، كانت ثمة شمعة صغيرة بيضاء تنير ظلمة المكان الهاديء، يرتجف نورها تحت صورة للمسيح يسوع .. اقتربت من مكان الضوء ورفعت بصري نحو صاحب الصورة ، كان وجهه يطفح بالبشر والصفاء، ويداه تعطيان البركة بالحركة المقدسة التي تعرفها المؤمنون به، جمعت كلتا يدي إلى بعضهما وجلست على الأرض المليئة بالزجاج المتكسر، ورحت في حوار مع نفسي وفاديً الحبيب:
قلت: أرأيت يا يسوع، ماذا حل بكنيستك المقدسة؟
قال: لتكن مشيئتك يا رب.
قلت: لكنهم يكررون أفعالهم كل يوم ؟
قال: ولكن نجنا من الشرير.
قلت: لقد أتوا على كل شيء في الكنيسة؟
قال: لك وحدك أخطأت، والشر قدامك صنعت
قلت: وماذا نفعل؟
قال: صلي وقل .. ارحمني يا الله كعظيم رحمتك، ومثل كثرة رأفتك تمحو إثمي.
قلت: لكننا نشعر بأننا وحدنا وليس من يساعدنا ؟
قال: أن الرب كان معنا عندما قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء، عند سخط غضبهم علينا. إذا لغرقنا في الماء وعبرت نفوسنا السيل، بل جازت نفوسنا الماء الذي لا نهاية له. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن نجونا، عوننا باسم الرب الذي صنع السماء والأرض .
قلت: وهل نسكت يا يسوع ؟
قال: يا ولدي .. مرارا كثيرة حاربوني منذ صباي، مرارا كثيرة قاتلوني منذ شبابي، وإنهم لم يقدروا علي. على ظهري جلدني الخطاة وأطالوا إثمهم. الرب صدّيق هو، يقطع أعناق الخطاة. فليخز وليرتد إلى الوراء كل الذين يبغضوني، وليكونوا مثل عشب السطوح الذي ييبَس قبل أن يقطع، الذي لم يملأ الحاصد منه يده، ولا الذي يجمع الغمورَ حضنه. ولم يقلْ المجتازون إن بركة الرب عليكم. باركناكم باسم الرب .
قلت: وهل نبقى مسالمين هكذا ؟
قال: طوبى لِصَانِعِي السلاَمِ، لأَنَّهُم أَبْنَاء اللهِ يُدْعَوْن .
قلت: ولكن يا معلم ، انهم يفعلون بنا ما لا نطيق تحمله !
قال: طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ .
قلت: وماذا نفعل ؟
قال: اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ.
قلت: كيف يا رب؟ انهم يهدمون كنائسنا، ويقتلون أبنائنا، ويحاولون ابعادنا عن موطننا؟ يجب أن..!
قال: أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَإِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
قلت: انهم أعداء بلدنا، كل بلدنا، وأعداء شعبنا، كل شعبنا .. يا يسوع!
قال: أما أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.
قلت: انحني أمام عظمتك يا يسوع، فما من شيء قلته إلا وكان بلسما لجراحنا.
ورحت في صلاة عميقة ..( أبانا الذي في السموات ..)، وكانت الشمعة الصغيرة البيضاء ما تزال تنور المكان .
تحياتي موضوع اعجبني جدا وحبيت ان تقرو م ن ق و ل