.[/center][b][right]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الشهيد كوركيس:
تتلخص قصة الشهيد كوركيس في أن ضابطاً رومانياً كان يسكن في نيقوميديا (مدينة قديمة في آسيا الصغرى تسمى أزميت في أيامنا) إهتدى إلى دين المسيح في أيام ديوقلسيانوس الإمبراطور (245- 313م). ولمّا شنّ هذا الإضطهاد على المسيحيين بتحريض من غالريوس أحد أنسبائه،دفعت كوركيس الغيرة إلى أن يمزق المرسوم الإمبراطوري القاضي بالإضطهاد والذي أمر الحاكم بوضعه على باب القصر في نيقوميديا عام 303،فألقى القبض عليه ونفذ فيه حكم الإعدام،فطارت شهرته في كل الأوساط نظراً لبسالته،وصار يضرب المثل بشجاعته،حتى حيكت حوله الأساطير والحكايات.
إسطورة التنين:
وأهم هذه الأساطير قصة قتل كوركيس للتنين. وإسطورة ذبح التنين ليست مقتصرة على الشهيد كوركيس،وليست مسيحية الأصل،بل منها إسطورة قديمة جداً،تعود إلى العهد السومري في الألف الثالث ق.م. فإن ثمة روايتين عنها لدى سكان بلاد ما بين النهرين القدامى وقد عرفتها شعوب أخرى عبر العصور،كالمصريين أو الإغريق،فإن كلاً من هرقل وبرسيوس يذبحان تنيناً. أما في الأساطير السومرية فإسم الوحش (كور) وبطل الملحمة ( أنكي) إله الحكمة والماء. ويمكن تلخيص قصة التنين ومار كوركيس في ما يلي:
كان القديس عائداً إلى ذويه للإستراحة، أثر معركة خاض غمارها في مصر. ولما صار على مقربة من مدينة القيروان إستوقفه منظر غريب: جماهير غفيرة تتزاحم فوق الأسوار،يسمع لجلبتهم ولغطهم دويّ أشبه بعويل المناحة. فتقدم لمعرفة الخبر، فإسترعى إنتباهه منظر فتاة جميلة ترفل في ثوب أبيض،وتتقدم بخطى متثاقلة نحو مستنقع، يتوج رأسها إكليل من ذهب مرصّع باللآلىء،فسألها عن الأمر،فأجفلت وأجابته مرتعدة: إهرب يا سيدي لئلا تهلك معي. وبعد أن هدىء روعها،وعرفت أنه غريب،تأوهت وقالت: إن في البحيرة تنيناً مرعباً عجزنا عن قهره،كان يخرج إلى المدينة ويفترس كل من يصادفه وينفث السم في أوجه الكثيرين فيهلكون، فلإبعاد خطره أصدر الملك مرسوماً يقضي بإرسال غنمتين إليه في كل صباح،ولما أتى على آخر قطعاننا،إستبدلت الغنمتان بشاب أو فتاة يختارها سوء الطالع بالقرعة، وإني ضحية هذا الصباح. وعندما حاول والدي الملك إستبدالي ثار الشعب عليه. وها أنذا أسير نحو مصيري المحتوم. فإبتعد، سيدي، قبل أن يخرج التنين مطالباً بفريسته. وقبل أن تنهي كلماتها،خرج من قعر المستنقع حيوان ضخم الجثة،له شكل الحية والتمساح،ينفث من فمه لهيباً مسعوراً،فصرخت الفتاة هلعة. فوثب كوركيس وثبة النمر إلى ظهر جواده،وإستنجد بإلهه،وإنقض على التنين،وعاجله بطعنة من رمحه الطويل أصابته في شدقه،فجندلته صريعاً إلى الأرض. ثم نادى الفتاة قائلاً: هلمي وقيدي رقبة عدوك بزنارك، فإستفاقت الفتاة من غيبوبتها وكأنها تحيا من جديد، وفعلت بما أشار إليها، وقادا التنين نحو الأبواب. وقد ظن الناس في بادىء الأمر أنها ستنتقم منهم،إلا أنها هدأت من روعهم، وكلمهم كوركيس البطل أنه لن يضرهم بعد شيء إن هم آمنوا بالله. ودخل الفارس والفتاة وهي تجر التنين،فأراد الملك والشعب أن يسجدوا له، فمنعهم وشرع يرشدهم دين المسيح. وقضى ردحاً من الزمن في تلك المدينة،ثم ودع الجميع وهم يبكون وعرض عليه الملك أن يزوجه بإبنته،فأجاب: إن ما أبتغيه هو أن تحب الله وتخدمه ولا سيما في شخص الفقراء.
الفارس الشهيد:
ليس من صحة لإسطورة التنين،إنما هو (تقليد شعبي). أما الحقيقة فهي أنه في أواخر القرن الثالث للميلاد،نعم المسيحيون بفترة هدوء نسبي دامت حوالي أربعين سنة،بعد أن كانت الإضطهادات قد آذتهم كثيراً،لا سيما في الإمبراطورية الرومانية.إلا أن غالريوس الحاكم أحد أنسباء ديو قليسانس كان يكره المسيحيين،فحرض الإمبراطور عليهم،حتى أصدر هذا أمراً بإضطهادهم بقسوة.ولما كان معظمهم قد إبتعدوا عن حرارة الإيمان التي كان عليها المسيحيون الأولون،كان ثمة خطر كبير أن يؤدي فتور الإيمان إلى تخاذل الكثيرين منهم أمام العذاب.غير أن الله لا يترك كنيسته عرضة للشكوك،فأقام شخصاً غيوراً هو كوركيس البطل ليكون خير مثال يحتذى بشجاعته كل من يحب الله. ولد كوركيس سنة 280م في اللد، الواقعة شمالي القدس. كان والداه من كبار القوم وأثريائه، ربّيا ولدهما الوحيد تربية إنسانية ومسيحية عالية. وكان الملك يحب والد كوركيس فجعله في حاشيته.إلا أنه لما شبّ الإضطهاد أمر بقطع رأسه.فإنصرفت الأم إلى تربية ولدها.ولما شبّ شعر بميله إلى الجندية فدخلها،ولما توفيت والدته أعطى ذاته كلها لواجبه فأحبه الجميع. لكنه كان حزيناً لما يراه من وضع المسيحيين،وقد بات الكثير منهم لا يتورعون من اللجوء إلى المراوغة والخداع والجحود لينجو من الإضطهاد ويحافظوا على مراكزهم.وهو الذي عرف معنى الحياة والبطولة أراد أن يقدم أمثولة في البسالة والشهامة، فصمم على تمزيق الإعلانات التي أمر الإمبراطور ديوقليسانس بتعليقها في الساحات العامة،وفشلت محاولات أصدقائه في صده عن القيام بذلك،بل تشدد بالصلاة وتدرع بالإيمان،وأوصى بتوزيع أمواله على الفقراء،ثم قصد الساحة العامة،وهناك على مرأى من الناس،إنتزع المرسوم الملكي ومزقه ورمى به إلى الارض. فألقى الجند القبض عليه وإقتادوه إلى الوالي. ولما مثل أمامه أقرّ بما صنع،فبدأت مرحلة التعذيب القاسية،حتى إنتهت بإستشهاده المجيد. ويروي لنا التقليد تفاصيل مروعة عن العذابات التي قاساها القديس،منها أن الحرس إقتادوه إلى سجن مظلم،وبعد أن ربطوا يديه ورجليه وضعوا على صدره حجراً كبيراً وتركوه يوماً كاملاً.ثم عرّوه من ثيابه ومددوه فوق دولاب فيه أمشاط حديد فتمزق جسده وتناثرت لحمانه،وأتوا بمشاعل فكانوا يشوون جسده المخضّب بالدم. وظل كوركيس صبوراً،بل أن نوراً سطع في وجهه وسمع صوتاً يشجعه،وشفيت جراحه،فتعجب الوالي وإستدعى ساحراً سقاه سماً مميتاً لم يضره.وقد أقام ميتاً فآمن الساحر.فأمر الوالي بجلده حتى الموت،فلم ينثني عزمه،فإستدعاه مغرياً إياه بشتى الوعود،فتظاهر أنه يلبي طلبه،لكنهم لما صاروا في بيت الاصنام سأل كوركيس الصنم عن الإله الحق،فأجابه:الإله الذي تعبده أنت.وهوى الصنم إلى الأرض.فصاح الكهنة المجوس:الموت للساحر.وعلى إثر ذلك تنصرت الملكة فقتلت ثم قطع رأس كوركيس أيضاً،وكان ذلك في 23 نيسان سنة 303م. وقيل أن صاعقة إنقضّت على الوالي فأفنته هو ومن معه