الصليب هو مِحْوَر الخلاص ومِحْوَر التاريخ البشريّ. لأنه بالصليب بدأنا نعرف من هو الله ومن هو الإنسان. فقد كشف الصليب لنا عن وجه الله المحبّة, وكشف لنا أيضاً عمّا في الإنسان من حقد وكراهية وعنف. فالصليب هو حركة تضامن إلهي مع واقع الإنسان المليء بالتناقضات والظلم والقهر وعبودية الشرّ والموت.
الحياة بحد ذاتها تحمل صليباً. فالصليب هو واقعٌ في حياة كل إنسان :
الصعوبات والإخفاقات هي صليب
الظلم هو صليب
الآلام والمرض هي صليب
الموت هو صليب
ويسوع كإنسان حمل صليبه, حمل الظلم والشر والآلام .
ويسوع المسيح كإله ندّد بالظلم وبالخطيئة وبالشرّ .
ولكن يسوع المسيح كإنسان وإله صحّح مفهوم الصليب بموته وقيامته من بين الأموات .
ومن هنا يتبيّن لنا أن حقيقية الإيمان المسيحي تتلخص بقول يسوع: "من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني".
لم يقل يسوع في دعوته هذه: "فليحمل صليبي"، بل قال: "فليحمل صليبه" ويتبعني, أي يحمل كلّ شخص أيام حياته يتبعني إلى القيامة, وهذا هو تماماً معنى اتّباعه. إذ لا يمكن فصل حقيقة الصلب عن سرّ القيامة .
فإن قيامة المسيح هي اعتلان لقدرة الله, وتصديق لكلامه ولرسالته, وعلى ضوء القيامة نفهم معنى وهدف حياتنا ونفهم الخلاص .
أرى أنّ الصليب موجود في حياة كل منا, وبإيماننا نحمله حبّاً بالمسيح المصلوب .
أرى أنّ الصليب يحرّرنا من عاهاتنا ومن بؤسنا.
أرى أنّ الصليب يكشف لنا معايير وقيم جديدة نابعة من الحبّ الإلهي, نابعة من الله المحبّة .