اتحبني ؟ تحمل المسؤؤلية ~ارعى خرافي~

بصوت هادئ وواضح سألني المعلم: "يا سمعان ابن يونا أتحبني أكثر مما يحبني هؤلاء؟"

وبثقة تامة أجبت: "نعم يا رب أنت تعرفني و تعرف أني احبك حبا شديدا"
لم أكن مدركا لماذا يسألني أتحبني, و لم اعرف لماذا قال لي أكثر من هؤلاء؟؟
لقد وددت إعطاءه قلبي ...
يسوع معلمي ويعرفني بالحقيقة كم أحبه,
مرت بضع لحظات أعاد السؤال ثانية ..
كان يركز على مناداتي باسمي يا سمعان ابن يونا أتحبني؟؟
وبنفس الحماس والاندفاع وبقوة غريبة قلت له: "أنت تعرفني من العمق وتعرف كم أحبك,
أحبك يا رب حبا شديدا ...
بكل تأكيد
وبكل ثقة أحبك
قال: اسهر على خرافي ..
وللمرة الثالثة و بعد صمت لم يدم طويلا ..
عاد ليناديني: "يا سمعان ابن يونا أتحبني ؟ أكثر مما يحبني هؤلاء؟" ..
هنا شعرت بحزن عميق .. لأني لا أريد نكرانه بعد اليوم ..
بل أود لو اصرخ بأعلى صوتي و أبشّر بالله مخلصي ويسوع صديقي ..
لماذا يناديني باسمي الكامل؟...
لماذا لم يقل يا تلميذي؟ ... يا أخي؟ .. أو أي كلمة أخرى ...
لماذا يسألني إن كنت أحبه، وهو متأكد من حبي له؟
لماذا لم يصدقني من المرة الأولى حين أجبته بنعم يا رب أحبك ؟؟؟
ما علاقة حبي له برعاية الخراف؟
لماذا قال لي ارعَ خرافي ؟ واسهر على خرافي؟
لماذا يطلب منّي رعاية خرافه؟
هل استطيع أن أكون مثله راعيا صالحا؟
سؤال تلو السؤال كان يمر بخاطري ...
لم أستطع التلفظ بأيّ منها,
فهو يعرفني حق المعرفة ويعرف كيف أفكر وبماذا، ويعرف قلبي في العمق ..
ثالثة أجبته بنعم يا رب أحبك حبا شديدا .. فقال: "ارعَ خرافي..."
بعد سنين من العمل على نشر كلمة الله والتبشير بها وتحمّل هذه المسؤولية ...
فهمت نوعا ما لم أفهم في ذلك الوقت ..
استطعت رؤية الخيوط الخفية التي ربط بها يسوع كلماته
عندما كان المعلم يتحدث كنا نصغي له بشغف ونحفظ بقلوبنا كل ما يقول ...
إنه الراعي الصالح يعرف خرافه كل واحد باسمه الحقيقي ... ويحب خرافه حبا لا مثيل له ...
فهمت لماذا سألني أتحبني، ليس لجهله لما في قلبي بل ليجعلني أعبّر عن ذاتي بحرية وبطريقتي الخاصة..
حرية في إظهار ما بداخلي كما يحلو لي .. دون أن يؤثر علي بكلمة: يا صديقي .. يا أخي .. يا تلميذي المقرّب.. يا تلميذي الشجاع ...
جعلني أدخل إلى عمقي وأعرف مدى قربي منه ...
جعلني أرى صدق إجابتي ...
هكذا استطيع تحمل مسؤولية كلمتي ...
أقول ما سأعمل وأعمل بما أقول
تعلمت الصمت كي أفكر بكلامي قبل النطق به ...
تعلمت كم تحتوي كلمة حب من أعمال عظيمة... إنها ليست كباقي الكلمات ...
الحب رعاية و احترام لحرية الآخر ...
معرفة تامة لحاجته...
الحب نبض في القلب واهتمام بما يشعر المحبوب ...
التقرب منه وملازمته في كل حين ...
العناية به ...
الحب حماية الحبيب من المخاطر والسهر عليه بدون امتلاك
فهمت أنني لا يمكن أن أهتم أو أحافظ على الخراف ما لم أحبها بصدق ...
فهمت بالحب أصبح صخرة يعتمد عليها .. أساساً متيناً يمكن البناء عليه ...
اليوم فهمت لماذا قال لي "أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي" ...
كنيسته هي خرافه... المحتاجة للرعاية و للإرشاد ... المحتاجة للحب
الخراف لا تستطيع الدفاع عن نفسها لو هاجمها الخطر ...
لا تستطيع تميز السيئ من الجيد ...
الراعي يحميها و يسهر عليها ..
الراعي يدلها على الطريق الصحيح الذي عليها أن تسلكه ..
فهي لا تعي صعوبة الطرقات
الراعي ينتبه على طعامها وشرابها فلا تهلك ذاتها...
يشملها بحنانه فلا تخاطر بنفسها حين تنعزل عن باقي القطيع ..
يصبح الرجل في الزواج, راعيا صالحا
عليه الاهتمام ورعاية زوجته و أولاده ...
يصبح صخرة عليها يبنى الله كنيسته ...
"على الرجل أن يحب زوجته كما أحب المسيح الكنيسة" ...
لحظة زواج الرجل والمرأة يُسألان عن الرضا في استقبال هذا السرّ، فيجيبان بنعم أي بملء إرادتهما يقبل الواحد الآخر.. القبول لا يكفي ... يجب أن يسألا عن الحب أيضاً..
هنا تكمن الحقيقة
عليه تحمل المسؤولية ... ارعها و اسهر على راحتها ...
كذلك... عليها مسؤولية كبيرة اهتمام به و السهر على راحته ... والعناية و الخضوع له بحب ..
هكذا تبنى كنيسة الله ...
بالحب يصبحان جسدا واحد ...
حيث يضع الرجل والمرأة نفسيهما في ظل العناية الإلهية.. بين يدي الله
فينمو حبهما بعد الزواج.. يكبر كما الأولاد ويستمر بالرغم من كل التحديات ...
الحب كالنبيذ يتعتق مع مرور الزمن ويصبح ثميناً ... فله تاريخ يفتخر به و يتحدث عنه ...
نعم ... أحبك حبا شديدا ... و سأبقى أحبك ...
لا تبخل على من تحب بكلمة ستملأ قلبه بالغبطة .. .

اتمنى ان يعجبكم الموضوع
تحياتي
لؤلؤة السماء